سامي حمدان
في ظل التصعيد العسكري المستمر بين لبنان وإسرائيل، تتزايد التوترات السياسية والأمنية في المنطقة بشكل غير مسبوق.
يتزامن هذا الوضع الحرج مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية، التي يمكن أن تؤثر بشكل كبير على مسار الصراع.
السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط تترنح بين الدعوة إلى تهدئة الأوضاع والتدخل المباشر في النزاعات. السؤال المحوري هو: هل ستؤدي نتائج هذه الانتخابات إلى انفراجة تساعد في تهدئة الحرب الإسرائيلية اللبنانية و الروسية الغربية، أم أن المنطقة و العالم على أعتاب تصعيد أكبر يهدد بمزيد من الدمار و ربما بحرب عالمية ثالثة؟
يتعرض لبنان لعدوان إسرائيلي منذ تشرين الأول ٢٠٢٣ لكن في الشهر الأخير زاد الكيان الإسرائيلي من وتيرة القصف الجوي والمدفعي و البحري، ووسع نطاق استهدافاته لتمتد إلى عمق العاصمة بيروت، مما أدى إلى مقتل وإصابة الآلاف من اللبنانيين، فضلا عن إجبار أكثر من مليون شخص على النزوح من منازلهم.
كيف سينتهي العدوان على لبنان؟ في المنطق العسكري، إن توجيه ضربة عسكرية مؤلمة لإسرائيل، قد يدفعها إلى التفاوض بشأن لبنان، بما يسمح بتطبيق قرار مجلس الأمن 1701، الذي وضع حدّاً للعدوان على لبنان في صيف 2006.”لكن في المنحى السياسي، فإن رئيس الكيان نتنياهو يستغل فترة الضعف و الفراغ في الإدارة الأميركية نظراً للمنافسة الإنتخابية بين الحزبين الديمقراطي و الجمهوري و سعي المرشحين هاريس و ترامب على استقطاب اصوات اللوبي الصهيوني الى صالحه.
المرشح الجمهوري ترامب تربطه علاقة قوية باليمين المتطرف في الكيان الصهيوني الذي يسيطر على الحكومة الإسرائيلية، لذلك كان رفض نتنياهو اي قرار لوقف العدوان في غزة أو لبنان منذ بداية الحرب، اعتباراً منه انه لن يُعطي الرئيس الأميركي الحالي بايدن هذا الإنجاز الذي يُمكن أن يشكل دفعة إنتخابية قوية جداً لمرشحة الحزب الديمقراطي كاميلا هاريس. فهو بذلك يدعم وصول المرشح الجمهوري ترامب الذي ابدى دعمه الكامل لليمين الحاكم في إسرائيل، بغض النظر عن بعض تصاريحه الإنتخابية بشأن السلام في الشرق الأوسط.
لكن كيف ستؤثر نتيجة الإنتخابات الأميركية على صعيد منطقتنا و العالم ؟
الشرق الأوسط بين تصعيد الحرب وفرص السلام.
لبنان الذي يعاني من حرب مدمرة وأزمة اقتصادية خانقة، يقف في مفترق طرق خطير.فإن فوز الحزب الجمهوري بقيادة ترامب سيدفع إدارة البيت الأبيض القادمة إلى تكثيف الدعم العسكري والدبلوماسي لإسرائيل، مما قد يؤدي إلى تصعيد أكبر في العمليات العسكرية، أو الدفع نحو مبادرات سلام أقرب الى إستسلام تهدف إلى وقف النزيف الدموي المستمر.
أما من الناحية العالمية و الصراع مع روسيا، فإن الدبلوماسية الدولية ستنشط لوقف الحرب الروسية مع الغرب في أوكرانيا و ستنتهي مع مرور الوقت، اذ ان ترامب سبق و اعتبر الرئيس الأوكراني زيلينسكي بأنه “واحد من أعظم مندوبي المبيعات على الإطلاق. كلما جاء، نمنحه 100 مليار دولار” هذا بالإضافة الى إلقائه اللوم على زيلينسكي بأنه هو الذي تسبب بهذه الحرب، هذا بالإضافة الى كلفة الدعم المادي الهائل التي تتحمله أميركا و أصوات الجمهوريين المعارضة لهذا الدعم اللامحدود في الكونغرس الأميركي ، هذا يدل على علاقة سيئة جداً به و بأنه سيوقف كل هذا الدعم الهائل الى أوكرانيا.
هذا فضلاً عن علاقته الجيدة بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين حيث أثنى الأخير على إحدى تصريحات المرشح الجمهوري ترامب حول سعيه لحل الصراع في أوكرانيا بالـ”صادقة”.
أما في حال فوز هاريس بالرئاسة الأميركية، فإن منطقة الشرق الأزسط ذاهبة على المدى الطويل الى هدوء نسبي و الى هدنة طويلة جداً.فالتحالفات الإقليمية، إلى جانب تدخلات الدول الكبرى مثل روسيا وإيران، تخلق واقعاً معقداً يجعل من الصعب تصور إنهاء النزاعات في القريب العاجل.
على سبيل المثال، الصراع بين إيران وأمريكا يؤثر بشكل مباشر على الصراع اللبناني الإسرائيلي، حيث يعتبر حزب الله حليفاً استراتيجياً لإيران في المنطقة.
ومن هنا، فإن أي اتفاق نووي جديد أو تصعيد في الصراع الأمريكي الإيراني سينعكس بشكل مباشر على لبنان.على الصعيد الدولي، أكّدت هاريس في حملتها الإنتخابية لزيلينسكي أن “دعمها للشعب الأوكراني راسخ و لا محدود، مندّدة بالمشاريع التي تحض أوكرانيا على “الاستسلام”، في إشارة إلى خصمها الجمهوري.
إذاً بحال فوز الحزب الديمقراطي في الإنتخابات الأميركية، فإن منطقتنا ذاهبة الى الهدوء و لو بعد حين، لكن عالمياً سيحتدم الصراع بين الشرق و الغرب على أمل أن لايؤدي الى حرب عالمية.