لِـ شدّةِ تردُّدِها؛ مزّقَت عدّةَ صفحاتٍ دونَ البدءِ بِـ الكتابةِ أساسًا … تركَت ثلاثةَ أسطُرٍ أعلىٰ الصّفحةِ، وبدأَت تتأمّلُ الغرفةَ بحثًا عن مصدرٍ يُلهمُها؛ فَـ لم تجد سوىٰ بعضِ الفوضىٰ في عقلِها، تمامًا كَ الفوضىٰ الّتي حولَها .. بحثَت عن أغنيةٍ تسمعُها؛ كي تُزيحَ هَٰذهِ الفوضىٰ، لَٰكن، دونَ جدوىٰ! “إنَّهُ القلم! أنا متأكّدة .. لم أعتدْ علىٰ تغييرِ قلمي، لَٰكنَّني مُجبَرةٌ فعلتُ! وها أنا الآنَ تائهةٌ بينَ الحبرِ والسّطورِ، أحاربُ بلا ذخيرةٍ دونَ أدنىٰ علمٍ منّي بِـ النّهاية!” كوبٌ من الحليبِ وبعضُ حبّاتِ (القرشلّة)، تأكلُها؛ علَّها تمتصُّ ما في داخلِها من عواصفَ؛ فَـ يأتي الإلهامُ أخيرًا ..
علىٰ أمل! ضحكَت علىٰ ” علىٰ أمل” ثمَّ أخذَت قضمةَ سعادةٍ من وجبتِها المفضّلةِ .. ولَٰكنَّها بعدَ كتابتِها لِـ هَٰذا السّطرِ تحديدًا؛ شعرَت بِـ شلّالٍ في عينَيْها يستعدُّ لِـ ينهمرَ! “لا مجالَ للانهيار! عليكِ المقاومة! تفاءلي! أضيئي قنديلَ التّفاؤلِ في روحِكِ، وابتعدي بهِ عن الظّلماتِ؛ فَـ أنتِ الآنَ في سكّةِ مَن يحملونَ في قلوبِهِم فراشاتِ الأمل!”
ضحكَت مرّةً أخرىٰ علىٰ “أمل”! تحاولُ التّجرّدَ من أحمالِها، من حقائبِ الماضي، ومن كلِّ ما يُعكّرُ صفوَها! تحاولُ جاهدةً؛ علَّها أخيرًا تصلُ محطّتَها … فقدَت الكلماتِ؛ فَـ أخذَت قضمةَ سعادةٍ أخرىٰ من وجبتِها! تتأمّلُ طلاءَ أظافرِها؛ علَّها تجدُ فيهِ ما يُحكىٰ! تتأمّلُ كفَّيْها، أو نصفَ كفَّيْها تحديدًا؛ فَـ قد اعتادَت أن تغطّيهِما بِـ يدَيْ كنزتِها، تمامًا كما تُخفي الكثيرَ في داخلِها! فقدَت الكلامَ مرّةً أخرىٰ، تمامًا كَ فقدانِها الشّهيّة! كَ فقدانِها الشّغف! تحاربُ أفكارًا تتغذّىٰ علىٰ روحِها .. تحاربُ بلا سلاحٍ، سوىٰ ابتسامةٍ تختلقُها حينَ تخرجُ لِـ مواجهةِ العالم!
“أعلمُ أنَّ ما كتبتُ غيرُ مفهومٍ! وأعلمُ أنَّهُ لن يُعجبَ الكثيرين! لَٰكنَّ ما كتبتُ ليسَ إلّا بعضًا من مشاعرَ تجوبُ كَ العواصفِ في روحي! حروفًا حقيقيّةً تُرصَفُ بِـ دقّةٍ لئلّا تؤذي أحدًا!” أخذَت آخرَ قضمةٍ من وجبتِها المفضّلة، وقرّرَت أن تتركَ القلمَ هنا .. علىٰ أمل أن تعودَ إليهِ مُحمّلةً بِـ الذّخيرة! ثمَّ ضحكَت مرّةً أخرىٰ علىٰ “علىٰ أمل”؛ لَـ ربَّما تسمحُ لِـ قصّةِ “علىٰ أمل” أن تخرجَ إلىٰ الضّوءِ يومًا ما!!
الكاتبة الأردنيّة دُعاء الخطيب