لبنانيات

المأساة اللبنانيّة… ألا تستحقّ مليونيّة شعبيّة جديدة؟

كتبت لارا يزبك في “المركزية”:

في 14 آذار 2005، انتفض الشعب اللبناني بكل تلاوينه، على مَن تحدّاه وقال له في 8 آذار من ذلك العام “رغم صرخاتكم وتوقكم الى الحرية، رغم مناداتكم بالعدالة وبمحاسبة المسؤولين عن استشهاد أبرز وجوه السياسة اللبنانية رفيق الحريري في 14 شباط، هؤلاء المسؤولون – وهم غير لبنانيين او لبنانيون ارتضوا التعاون مع المحتل (…) – باقون على صدوركم”.

فأتى الجواب مدويا، وفق ما تقول مصادر سياسية معارضة لـ”المركزية”: ملأ اللبنانيون الساحات، رافعين العلم اللبناني فقط، منادين “حرية سيادة استقلال محاسبة عدالة حقيقة”. فكان لهم ما ارادوا وخرج المحتل وكانت انتخابات نيابية أعطت الاكثرية للفريق السيادي في البلاد. غير ان قوى “الامر الواقع” التي تحمل السلاح، منعت المنتصرين من الحكم، من خلال التعطيل والتهويل والترهيب والترغيب.. ودخل لبنان في احتلال من نوع آخر، منفّذوه لبنانيون هذه المرة، ضربوا الديمقراطية واصولها وقواعدها، عرض الحائط، وأرسوا مكانها قواعد جديدة، فيلجأون الى الدستور حين يناسبهم والى وسائل اخرى، مشروعة وغير مشروعة، حين لا يخدمهم الدستور.

حاملو السلاح الذين حكموا البلاد، بصورة او بأخرى، منذ ما بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري، أوصلوه الى انهيار شامل، ثار ضده اللبنانيون مجددا في 17 تشرين 2019. غير ان هؤلاء لم يرتدعوا، بل أصروا على ابقاء مفاتيح الحكم في جيبهم. وها نحن في “جهنم” اليوم. لبنان يتخبط في أزمة اقتصادية من الاخطر عالميا، في العقود الماضية، وفق تقارير دولية واممية، وقد بات اكثر من نصف شعبه تحت خط الفقر.

الخطط الانقاذية كثيرة والخطوات المطلوبة من قبل الجهات الدولية التي تحاول مساعدة لبنان كثيرة، الا ان ايا منها لم يتحقق بعد، فيما الواقع يشتد اسودادا ساعة بعد ساعة.

اليوم، سجل التدحرج في جهنم محطة جديدة معبّرة معنويا، تمثلت في بلوغ سعر صرف الدولار الواحد، مئة الف ليرة لبنانية. هذا الواقع رفع اسعار كل السلع وقد باتت السوبرماركت تسعّر بالدولار، فيما تحلّق اسعار المحروقات حيث يقارب سعر صفيحة البنزين المليون و800 الف ليرة، بينما فواتير الاتصالات والكهرباء، وهي بالكاد متوافرة، تكوي الجيوب.  

كل ذلك يحصل، ولا مَن يتحرّك او يبحث جديا عن خطط علاج، بل مماحكاتٌ سياسية وشغورٌ رئاسي وشلل نيابي ونكايات وزارية ودويلة تزدهر على حساب الدولة. واذ لا يبدو ثمة نية للاقلاع قريبا عن هذا السلوك، الا تستحق هذه المأساة المعيشية – السيادية، مليونيةً تشبه مليونية 14 آذار، ام ان ثمة مَن لا يزال يرى في الذل والفقر المُعمّمين، كرامةً وعزّة؟!

Next Article:

0 %