أسدلت دول خليجية عدّة الستار على منخفض “المطير” الجوي الذي شكّل حدثاً استثنائياً في تاريخ المنطقة المناخي، إذ لم تشهد مثيلاً له منذ نحو نصف قرن، وخلَّف خسائر وأضراراً بشرية ومادّية كبيرة خلال الأيام القليلة الماضية. وبينما أعلنت كلٌّ من سلطنة عُمان، والإمارات، والبحرين، انحسار الظروف المناخية، وانتهاء المنخفض الجوّي، بدأت هذه الدول بفتح الطرق ومسح الأضرار في البنى التحتية والمنشآت العامة والخاصة، وتقديم الدعم اللازم إلى جميع المتضرّرين.
يذكر أن خبراء المناخ يؤكدون أن ارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ الذي تسببه أنشطة البشر يؤدي إلى المزيد من الظواهر الجوية المتطرفة حول العالم، مثل العواصف والفيضانات التي اجتاحت الإمارات وسلطنة عمان على مدار الأيام الماضية، وتسببت في أضرار جسيمة.
ويتوقع العلماء أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة وزيادة الرطوبة وخطر الفيضانات في مناطق بالخليج ويمكن أن تكون المشكلة أسوأ في دول تفتقر إلى بنية تحتية في الصرف الصحي للتعامل مع الأمطار الغزيرة.
رصد “التغير المناخي”
وفي هذا الشأن، أعلن المركز الإقليمي للتغيُّر المناخي في السعودية البدء بدراسة مناخية شاملة للمنخفض الجوّي الذي أثّر في دول مجلس التعاون الخليجي، ومسبّباته، ومعدّلات الأمطار المتطرّفة الناجمة عنه. وأوضح في بيان، أنه “سيدرس أيضاً دور التغيُّر المناخي، بالتنسيق مع الدول المتأثّرة”.
وبحسب ما أوردته صحيفة “الشرق الأوسط”، يتعامل المركز التابع للمركز الوطني السعودي للأرصاد مع التحدّيات المتنامية التي تُواجهها شبه الجزيرة العربية على مستوى التغيُّر المناخي، ويسهم في تطوير المعلومات لتوفير دراسات مناخية على الصعد الوطنية والإقليمية والعالمية.
وأوضح المتحدّث الرسمي باسمه حسين القحطاني، بحسب ما نقلت الصحيفة، أنّ الأمطار الأخيرة التي شهدتها مدن سعودية وخليجية عدّة، أعلى من المعدّلات المعتادة، مما يتطلّب مزيداً من البحوث لدراسة هذه الحالة، مشيراً إلى إعلان المركز رَصْد عدد من المؤشرات التي ترجِّح تغيّرات مناخية واضحة في المنطقة.
توقع ظواهر مناخية “أكثر حدّة”
وأكد القحطاني أنّ مؤشرات التغيُّر المناخي بدت واضحة في مدن سعودية عدّة مثل النماص التي شهدت هذا العام تساقط البَرَد بكميات أعلى من المعتاد، إضافةً إلى مدن أخرى شهدت الحالة عينها في العام الماضي، مثل الطائف، وبريدة، وخميس مشيط؛ مشيراً إلى إعلان المركز مؤخراً اقتراب منطقة جازان من المناخ الاستوائي جراء تسجيلها أمطاراً مستمرّة طوال العام، و”هذه الحالة لم تُرصَد من قبل في المنطقة، مما يشير الى تأثير التغيُّر المناخي عليها”، بحسب القحطاني.
كذلك أكد أنّ جميع الدراسات المناخية التي قدّمها المركز الوطني للأرصاد تشير إلى أنّ السعودية ستشهد ظواهر مناخية أكثر حدّة في السنوات المقبلة.
وكانت “العربية.نت” قد توجهت بعدة أسئلة حول هذا الشأن للدكتورة منار غانم، الخبيرة بالهيئة العامة للأرصاد الجوية في مصر، فأكدت أن التغيرات المناخية تؤثر بشكل كبير على الظواهر الجوية، ومنذ منتصف العام الماضي ونحن نتحدث عن توقعات باستقبال حدة وتطرف مناخي بشكل كبير لأنه يوجد احترار عالمي، وزيادة في متوسط درجات الحرارة بالعالم، ناتجة عن ظاهرة الاحتباس الحراري واستخدام الوقود الإحفوري والغازات الملوثة في الجو أدى لارتفاع الحرارة في الغلاف الجوي.Play Video
هلاك كوكب الأرض
وكشفت المسؤولة المصرية أن فوضى المناخ قد تؤدي لهلاك كوكب الأرض خاصة أنه يوجد تسارع كبير لوصول درجات الحرارة لارتفاعات غير مسبوقة، موضحة أنه من الطبيعي أن تصل درجات الحرارة في كوكب الأرض إلى متوسط 15 درجة مئوية، لكنها الآن وصلت إلى 16.5 درجة. وكان الخبراء في كافة مؤتمرات المناخ يطالبون بالوقوف على الأقل عند هذه الدرجة وألا تزيد على ذلك حرصا على حياة البشر.
وقالت إنه منذ شهر يوليو الماضي وحتى الآن بدأنا نلحظ ونرصد احترارا بشكل كبير، وبدأنا في الأشهر الأخيرة نلاحظ زيادة درجات الحرارة في كوكب الأرض إلى 17 درجة مئوية بارتفاع درجتين، وهذه النسبة كان متوقعا أن نصل لها في العام 2030، لكنها حدثت هذه الأيام.
وأكدت غانم أن التغيرات المناخية باتت أمرا واقعا ومواجهته تحتاج لتمويل ضخم وقوانين ملزمة لأن الطبيعة أصبحت غاضبة، وتداعياتها قد تفوق التوقعات، مطالبة بالمواجهة والتأقلم في آن واحد. وقالت إن المواجهة تستلزم تقليل الاحترار العالمي وقلة استخدام الوقود الإحفوري والتركيز على استخدام الطاقة النظيفة، وتقليل الاحتباس الحراري والحد من الانبعاثات، مضيفة إلى ذلك التأقلم في مواجهة التغيرات من خلال تطوير البنية التحتية لاستقبال أمطار غير مسبوقة واستخدام منظومة الإنذار المبكر، وهي منظومة مهمة في مواجهة التغيرات المناخية لتقليل الخسائر والمخاطر.