عقد رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي والأمين العام للأمم المتحدة غوتيريش في السراي الحكومي الكبير مؤتمراً صحفياً مشتركاً.
وكانت كلمة لميقاتي جاء فيها:
يسعدنا اليوم ان نستقبل هنا في السراي الحكومي،في قلب بيروت، سعادة الامين العام للامم المتحدة ، في زيارة تحمل الكثير من الرسائل والمعاني،فهي أولا تؤكد وقوف الامم المتحدة الدائم الى جانب لبنان، ودعمه بكل الامكانات والوسائل، لا سيما في هذه الاوقات العصيبة التي يمر بها ، وتاليا فهي تعبير عن ارادة الحفاظ على ما يتميز به لبنان إنسانيا وحضاريا ووجوديا لا سيما في هذه المنطقة من العالم .
ولا بد هنا من توجيه الشكر أولا لقوات اليونيفيل قيادة وضباطا وافرادا، على الدور النبيل التي تقوم به الى جانب الجيش في حفظ الامن والاستقرار في الجنوب وتوفير الامان لاهلنا الجنوبيين،وتعزيز الانماء في مختلف المناطق التي ينتشرون فيها،وللتأكيد على إمتنان الشعب اللبناني وتقديره للتضحيات التي قدمها الجنود الدوليون في سبيل هذه الاهداف السامية. وأحيي في المناسبة ذكرى شهداء هذه القوات الذين اختلطت دماؤهم بدماء شهداء الجيش والجنوبيين على مر السنين منذ ان انتدبوا لمهمة حفظ السلام في جنوب لبنان.
في هذا اللقاء فاننا نجدد تمسك لبنان بدور القوات الدولية في الجنوب لجهة تطبيق القرار 1701 والتشديد على أن لبنان يلتزم تطبيق هذا القرار ويحترم القرارات الدولية ويدعو الامم المتحدة الى الزام اسرائيل بتطبيقه كاملا ووقف اعتداءاتها المتكررة على لبنان، وانتهاكاتها لسيادته برا وبحرا وجوا. كما نؤكد التزامنا المضي في المفاوضات الجارية برعاية القوات الدولية ووساطة الولايات المتحدة الأميركية لترسيم الحدود البحرية اللبنانية بشكل واضح يحفظ حقوق لبنان كاملة .
وفي هذه المناسبة ايضا نجدد تأكيد التزام لبنان سياسة النأي بالنفس عن اي خلاف بين الدول العربية، كما كان قراره عام ٢٠١١ عند صدور البيان الرئاسي خلال عضويته في مجلس الامن .ولن يكون لبنان، في مطلق الاحوال، الا عامل توحيد بين الاخوة العرب،وحريصا على افضل العلاقات مع كل أصدقائه في العالم.
أضاف: يتعرض لبنان لأسوأ أزمة إقتصادية ومالية وإجتماعية منذ تأسيسه، من أزمة النزوح السوري الكثيف، الى جائحة كورونا، الى أزمة اقتصادية ومالية ونقدية حادة نتجت عن عقود من ضعف في الإدارة والحوكمة وانفجار مرفأ بيروت. وقد اعادت هذه الأزمة خلط الأولويات التنموية للبنان، بحيث أصبح تأمين الأمن الغذائي ومكافحة الفقر ودعم الفئات الضعيفة وتوفير الطبابة والطاقة والمياه والتعليم والنقل في أعلى سلم الأولويات التنموية، كذلك تحقيق الاستقرار النقدي.
يحتاج لبنان إلى مساعدات عاجلة في المجالات المذكورة، مع إيلاء أهمية خاصة لتوسيع شبكة الحماية الاجتماعية للجميع بشكل مستدام يتخطى القروض الميسرة، وتطوير بطاقة تموينية، مع التركيز على إيصال المساعدات إلى الفئات الأكثر فقراً، وتلك التي كانت تنتمي إلى الطبقة الوسطى، إضافة الى الشرائح المهمّشة.ad
يشكر لبنان الأمم المتحدة ووكالاتها على الدعم المستمر له، والتعاون المثمر مع الحكومة، ويتمنى المساهمة في تسهيل الربط بين حاجات لبنان التنموية ومصادر التمويل لوقف الإنهيار، بالتعاون مع الدول المانحة والمؤسسات المالية الدولية وفي طليعتها صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، وذلك بالتوازي مع بدء الاصلاحات الاساسية في القطاعات البنيوية وفي مقدمها قطاع الكهرباء.
من المهم زيادة قدرة البلاد على الصمود من خلال تأمين برامج بناء القدرات لدعم المؤسسات وتأمين إستمراريتها خلال الأزمات ومساعدة الحكومة في جهودها الإصلاحية، من ضمنها مكافحة الفساد وتطوير الحوكمة وتعزيز سيادة القانون.
كما يتطلع لبنان إلى إجراء الانتخابات النيابية العام المقبل، باعتبارها ركناً من أركان الديمقراطية وتحقيقاً لتطلعات الشعب اللبناني، والحكومة عازمة في هذا الصدد على اجراء الانتخابات في موعدها من دون تاخير، وسيصار في مطلع العام المقبل الى دعوة الهيئات الناخبة للمشاركة في العملية الانتخابية، وإننا نتطلع، كما في الدورات الانتخابية السابقة ، الى مؤازرة حثيثة من مؤسسات الامم المتحدة .
وقال: يعاني لبنان منذ سنوات من تداعيات النروح السوري اليه منذ الأحداث في سوريا التي بدات خلال تولّي رئاسة الحكومة عام 2011.
وقد ادى تدفق اعداد هائلة من النازحين السوريين الى ضغط اضافي على الاقتصاد اللبناني المتعب اصلا والقطاعات الخدماتية كافة ، واستطرادا على كل الواقع الاجتماعي في لبنان.
وفي هذا السياق فاننا نجدد دعواتنا للمجتمع الدولي إلى تحمل مسؤوليته في تسهيل عودة النازحين السوريين في لبنان لبلادهم، علماً أن معظم المناطق السورية أصبحت آمنة.ad
وقد أعدنا التشديد على هذا الموقف خلال زيارة مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا غير بيدرسون.
قبل ستة وسبعين عاماً، حين اجتمعت الدول المؤسسة ومن ضمنها لبنان، لإنشاء منظمة الأمم المتحدة في سان فرنسيسكو، أتت بقواعد ومبادئ حديثة تبعث الأمل في عالم حلّ به الدمار.
وتابع: واليوم نحن بأمسّ الحاجة لإعادة تاكيد دور الأمم المتحدة الريادي وأهميته في عالمنا الذي تعصف به الحروب والأزمات والاضطرابات والأوبئة. وما خطة التنمية المستدامة 2030 (2030 Agenda for Sustainable Development) (التي أعلنتها الامم المتحدة الا ركيزة العمود الفقري لهذا التوجه الاممي.
ونحن في لبنان نولي أهمية للدعم الدولي المطلوب لتحقيق هذه الخطة في جوانبها الاقتصادية والإجتماعية والبيئية.
وختم: بين لبنان والامم المتحدة روابط وثيقة تكرّست عبر مسيرة طويلة من التعاون والمشاركة، ونحن نعرف مدى حرصكم الشخصي على لبنان واهتمامكم بقضاياه ودوره ورسالته. وإننا على ثقة أن زيارتكم الى بلدنا بالذات، بشخصكم وبما تمثلون،تشكل رسالة امل ودعم وتضامن نحتاج اليها في هذا الظرف العصيب الذي نمر به. وبتعاونكم ودعمكم ، وتعاون ودعم من تمثلون سيبقى لبنان دوما متمسكا بمبدأ العدالة درباً الى السلام، وارض الحريات والتلاقي والاعتدال.شكرا لحضوركم .
غوتيريش
من جهته، أكّد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أنّ “لبنان في محور استراتيجياتنا وأولوياتنا وعلينا أن نتفادى أيّ شكل من أشكال النزاع الذي شهدها في السابق لما في ذلك من عواقب وخيمة”.ad
وأشار غوتيريش إلى أن هناك سعي لكي يستطيع لبنان انشاء عقد اجتماعي جديد وتطوير علاقاته مع الدول الخارجية، مؤكداً على وجوب حصول الاصلاحات بالاشتراك مع المجتمع المدني والشركات الخاصة.
كلامُ غوتيريش جاء ضمن كلمة له خلال مؤتمر صحفي مشترك مع رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي في السراي الحكومي، إذ قال: “البلد يمرّ بفترة صعبة لذلك حان الوقت لكي يبذل المسؤولون جهداً لإيجاد الحلول وهذه هي اللحظة المناسبة التي يستحقّ بها لبنان التضامن بين القوى”.
وأضاف: “تعود مسؤولية الوضع في لبنان في جزء منها إلى اللبنانيين فضلاً عن تأثيرات الخارج والتدخلات، ولا بدّ من أن نسعى لأهداف مشتركة من أجل تحقيق السلام والاستقرار لجميع أفراد المجتمع اللبناني”.
وأشار غوتيريش إلى أنه “حصل على ضمانات من الرؤساء الثلاثة بأن الانتخابات النيابية ستجرى في موعدها”، وقال: “وجدت أن الحكومة حريصة على إجراء المفاوضات البحرية والإصلاحات اللازمة في ظلّ الدعم الدولي المتاح للبنان لتحقيق التعافي في أقرب وقت”.
وتابع: “سمعتُ من ميقاتي التزام الحكومة بأن تجري المفاوضات مع صندوق النقد والتزامها بإجراء عدد من الإصلاحات الإدارية والمالية اللازمة لكي يتمكن لبنان من الاستفادة من الإمكانات المتاحة في ظل الدعم الدولي المتاح اليوم ممّا يضمن البدء بتحقيق نوع من التعافي”.
ومع هذا، فقد لفت غوتيريش إلى أن “لبنان فتح حدوده ليستقبل النازحين السوريين”، مشيراً إلى أنّ “هذا الكرم اللبناني يعود إلى أعرق الحضارات”.
ورأى غوتيريش أنّ “الأزمة القائمة قيدت جهود لبنان بتحقيق التنمية المستدامة”، وأضاف: “أريد القول إن مهمتنا هي أساساً مهمة قائمة على التضامن ويمكن التأكيد على أن لبنان في محور سياستنا إن كان على مستوى الأمم المتحدة أو على صعيد كافة الوكالات الدولية”.
وفي الختام، أكد غوتيريش أنّ الأمم المتحدة “لن توفر جهداً لمساعدة لبنان ولا بدّ من السعي لأهداف مشتركة لإتاحة الفرص مجدداً لجميع أفراد الشعب اللبناني”.