صدر عن النائب الدكتور محمد الحجار البيان التالي:
إثنان و عشرون عاماً شرّفني الأهل في الإقليم والشوف خلالها في تحمّل مسؤولية وأمانة تمثيلهم في البرلمان اللبناني. إثنان وعشرون عاماً مررنا خلالها بمراحل صعبة وشهدنا فيها نجاحات كثيرة بفضل الله سبحانه وتعالى أولاً، وبفضل الرئيس الشهيد رفيق الحريري وبعده حامل الراية الرئيس سعد الحريري، في وضع منطقة إقليم الخروب على خريطة الإنماء بعدما حرمت منه لعقود. لقد كان هذا واجبي دون منّة منذ دخولي الندوة البرلمانية في العام 2000، و هو أمر ما كان ليكون لولا أن قرر الرئيس الشهيد رفيق الحريري أن يعيد لهذه المنطقة تمثيلها المتوازن، عبر التحالف مع النائب وليد جنبلاط، الذي تعاونا و إياه في تلك الفترة من خلال كتلة اللقاء الديمقراطي التي إنضممت إليها حتى العام 2011 بالتوازي مع عضويتي في كتلة المستقبل النيابية.
لم يكن وجودي على الساحة السياسية في إقليم الخروب والشوف سهلاً وهو الغني بتعدديته الوطنية والسياسية ولكن كنت والحمدلله متقدماً خصوصاً في الإقليم، بتمسكي بثوابت الخط الوطني العروبي السيادي وبرؤية ومشروع الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وبخدمة منطقتي وأهلها، وهذا ما جعلني أفوز بثقة الأهل في جميع البلدات والقرى التي لم أفرّق يوماً بينها أو بين عائلاتها بشهادة الأرقام التي كنت أحصّلها في الإستحقاقات النيابية حين كانوا يقولون كلمتهم ورأيهم المدوّي و بالأخص عند بعض محاولات الإلغاء.
و لأنني أؤمن بالتجديد و بأن لا شيء يدوم سوى وجه الله سبحانه و تعالى، ولأسباب أخرى، أعلمت الرئيس سعد الحريري في شهر تموز من العام الماضي، برغبتي بعدم الترشح لدورة جديدة، لكنه طلب مني حينها التريث في القرار.
مرّت الأيام و جاء قرار الرئيس سعد الحريري بتعليق العمل السياسي والعزوف عن خوض الإنتخابات النيابية للأسباب التي شرحها في كلمته، وبعيداً عن خلفيات وإنعكاسات هذا القرار على لبنان والوطن، و للوهلة الأولى، جاء هذا القرار منسجماً مع رغبتي السابقة بالعزوف عن الترشح للإنتخابات.
كن سيل الإتصالات التي أتتني من الأهل والأصدقاء و المناصرين من مختلف قرى الإقليم، الذين أبدوا تفهمهم لقرار الرئيس سعد الحريري ولكن في الوقت نفسه أعربوا عن خشيتهم من ترك الساحة خالية و عودة عقارب الساعة في إقليم الخروب إلى ما قبل العام 2000، جعلتني أعيد التفكير بمسألة خوض الإنتخابات، خاصة و أن الرئيس الحريري ترك الحرية لنواب الكتلة بخوض الإنتخابات طالما أن ذلك لا يتم بإسمه أو بإسم تيار المستقبل.
وبالفعل أجريت مجموعة من الإتصالات مع الكثير من أهالي و فعاليات المنطقة لأستمزج آراءهم و وجدت من معظمهم دعماً كاملاً في أي قرار أتخذه ترشحاً أو عزوفاً. كما تواصل معي عدد من الأحزاب و المجموعات من الشوف و عاليه عارضين جهوزيتهم للتعاون الإنتخابي خاصة و أن كل الإحصاءات و الإستطلاعات التي أجرتها مختلف الأطراف السياسية كانت تؤكد أن التصويت الأكبر في الإقليم كان سيكون لي في أي لائحة تشبهنا أكون فيها.
و على الرغم من هذه المعطيات فإن قراري الذي أعلنه اليوم هو عزوفي عن الترشح للإنتخابات النيابية المقبلة ، للأسباب التالية:
- أولاً، الإلتزام بقرار الرئيس سعد رفيق الحريري الذي أتفهم خلفياته و أسبابه الموجبة لناحية الإعتراض على الممارسة السياسية السائدة في لبنان.
- ثانياً، قناعتي أن الإهتمام بمصالح أهالي إقليم الخروب لم يكن و لن يكون يوماً مرتبطاً بالموقع النيابي وهذا ما يعرفه الجميع عني منذ تعرّفي على الرئيس الشهيد رفيق الحريري ومشاركتي وعملي في تأسيس أوجيه لبنان في العام ١٩٨٢وبعدها في مؤسسة الحريري في العام ١٩٨٤ وحتى العام ١٩٨٦.
- ثالثاً و ربما الأهم بالنسبة لي، فعلى الرغم من ترك الرئيس سعد الحريري الحرية لنواب كتلة المستقبل للترشح أو عدمه، و لكنه في خطابه الأخير أكد أنه لن يترشح شخصياً لا هو و لا أي أحد من عائلته. و كعضو مؤسس في تيار المستقبل، و كمواكب لعمل الرئيس رفيق الحريري منذ ثمانينيات القرن الماضي، فإن لي الشرف أن أعتبر نفسي من هذه العائلة. و بالتالي فقد كان من الصعب عليّ جداً، لا بل من المستحيل، خلع هذه الهوية العائلية و الحزبية التي أعتز بها، خاصة و أن الترشح كان سيستلزم الإستقالة من تيار المستقبل.
- أيها الإخوة و الأصدقاء،
- منذ ما قبل العام 2000 كان بيتي مفتوحاً للجميع، و اليوم و مع قراري تعليق عملي النيابي عبر عدم ترشحي للإنتخابات النيابية المقبلة، أعاهدكم أن ذلك لن يتغير، و سأبقى أسعى وأبذل كل الجهد الممكن في تحصيل حقوق منطقتي وفي مساعدة أهلي و إخوتي على المستوى العام و الخاص بقدر ما أستطيع إن شاء الله. و الله ولي التوفيق.
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.