إقليم الخروبتصنيف

الوقوف على “منصّات” النفايات.. مشاهد لا ترحَم

خديجة الحجار – خاص صدى الاقليم

الكثير منهم هم بائعو خردة، ولكن الأكثرية هم أفراد ضاقت بهم سبل العيش في بلد اصبح يفتقر إلى أدنى مقومات العيش الكريم، فلجأوا إلى حاويات النفايات علّهم يجدون بعضاً من قوتهم وقوت أطفالهم.

نعم، فالمشاهد على “منصات” حاويات النفايات أصبحت كثيرة، وعند كل “منصة” تجد شخصاً أو أكثر يبحثون عن بعضٍ من الخبز أو أوراق الخضار التالفة ليسدّوا فيها جوعاً كافراً.

حالات الفقر التي تزداد يومياً أضحت واقعاً في بلد لا يسأل فيه “أحد عن أحد”، فالكل متلهٍّ بمشاريع فاشلة وقوانين مشاريع ممضيّة في أروقة المجالس النيابية والوزارية دون أن تتحقق، ووعود كاذبة على شعب متلهٍّ بكيفية تأمين قوت يومه في ظل الغلاء الفاحش من تجار فجّار كلّ همّهم زيادة نسبة أرباحهم.

بائعو خردة؟؟

عند مرورنا أمام معظم حاويات النفايات، قليل ما نجدها فارغة، فدائماً هناك شخص يحاول إيجاد إمّا بقايا طعام تالفة، أو ممّن يعملون على جمع المواد البلاستيكية او الحديدية لبيعها ليُعيل عائلة.

السؤال لهؤلاء محرج، ولكن.. “قوّيتُ قلبي” وسألتُ أحدهم: ماذا تفعل؟ ليكون الجواب “ابحث عن بقايا البلاستيك لبيعها، لديّ أطفال أريد إطعامهم”.

الأطفال أيضاً مشاركون

هذه المشاهد لا تقتصر على الكبار، إنما على الأطفال الذين يشاركون آباءهم في عملية الجمع. هؤلاء الأطفال الذين يجب أن يكونوا في أماكن التعلّم أو الترفيه، دون أن ننسى أنهم بهذا العمل يتعرّضون لكل أنواع الجراثيم.

سألتُ طفلاً “ماذا تفعل هنا؟”، فأجاب “أساعد أبي”. “هل تذهب إلى المدرسة؟ فقال “نعم في الشتاء، ولكن الآن أحاول تقديم المساعدة لكي أستطيع البقاء في المدرسة. فأبي يجمع الأموال لتعليمنا”.

قصة صغيرة تحاكي واقعاً مريراً للكثير ممّن نجدهم على جوانب الطرقات أمام حاويات النفايات.

منصّات لنشر العوز

أسئلة كثيرة تُطرَح، ولكن نحن أكيدون أن لا مجيب… استغِلّوا هذه الأوضاع وادخلوا بيوتات الناس وشاهِدوا الفضائح.. شاهِدوا نشرات الأخبار، افتحوا صفحات مواقع التواصل الاجتماعي حيث الكوارث..

هذه الصفحات التي أضحت منصّات لنشر الحالات الإنسانية ممّن لا يملكون ثمن حفاضات أطفالهم أو الحليب، ممّن يريدون إجراء فحوصات أو عمليات أو حتى دخول مستشفى أو الذهاب للطبيب بشكل طارئ، أو لمن يطلب دواء من مسافر قادم إلى “الوطن”.

الواقع مزرٍ، والمشاهد على الطرقات مبكية، ولا حس ولا خبر ممن وضعوا أنفسهم ممثلي شعب يتلهّون بالقشور، ونرجسية طبقة حاكمة تعاني انفصام بين جهنم التي يعيشها المواطن، وعالمهم الزمرّدي.

Next Article:

0 %