خديجة الحجار – خاص صدى الإقليم
“عيناك يا بغداد، منذ طفولتي شمسان نائمتان في أهدابي لا تنكري وجهي.. فأنت حبيبتي وورود مائدتي، وكأس شرابي..” بهذه الكلمات تغنّى الشاعر الكبير نزار قباني ببغداد.. ومَن لا يحبّ بغداد؟؟ مَن لا يحب العراق؟؟
منذ أن تلقيتُ الدعوة من قِبل هيئة الإعلام والإتصالات العراقية لزيارة العراق، حتى برقت عيناي ودقّ الفؤاد.. سأزور بغداد..
قلق؟؟ بل أمان
دعوة لامست القلب.. نظرت لزوجي فلقيتُ ترحاباً كبيراً.. أمي صرخت لا.. ليس هناك أمان.. إخوتي بفرح “إذهبي”.
بدأت التحضيرات وانطلق المسار نحو بغداد..
في المطار عيون تضحك لنا.. وفي الشوارع أيادي ممتدة لمساعدتنا.. نحن غرباء؟؟ لا لسنا كذلك.. فلا يمكنك أن تزور العراق وتحسّ بالغربة.. العراق شقيق لبنان.. شقيقه في السراء والضراء.. ومَن لا يعلم مقولة “عرقنة لبنان ولبننة العراق”.
استقبلني الزملاء “صبري وأحمد وحيدر” بالترحاب وهم الذين كانوا دائماً يدعونني لزيارتهم ولم تشأ الظروف. زملاء؟؟ لا بل أخوة.. صبري الذي جنّد وقته لي وجال بي منذ اليوم الأول في أرجاء بغداد دليلاً سياحياً حتى ما بعد منتصف الليل..
“ألم أقل لكِ أن العراق آمنة؟”. بضحكة وفرح استمكلنا باقي الأيام من زيارتنا للعراق.. فزرنا المقامات الدينية والأماكن الأثرية والشوارع والساحات العابقة بسحر الملقى.
هيئة الإعلام والإتصالات
لم تكن هيئة الإعلام والإتصالات الداعية للزيارة، بل جنّدت معظم موظفيها لخدمتنا.. “الدكتور علي، الدكتور فاضل، سرة، مياسة والفريق الأمني المولج حمايتنا”.. لا لم نكن بحاجة للحماية فنحن بين أهلنا وناسنا.
ترحاب كبير وتجنيد لراحتنا.. كانوا فريق عمل متكامل، قاموا بعملهم على أتم وجه تُرفع لهم القبعات.
سياحة دينية وثقافية
ما بين بغداد وكربلاء، تنقلنا في المقامات الدينية.
ففي بغداد حيث وفرة الأماكن الدينية، جلنا.. فزرنا مقام الإمام الكاظم حيث روعة التصميم المعماري، وانتقلنا إلى مقام الإمام أبي حنيفة النعمان ومقام الإمام الجيلاني في بغداد ومقان سيدنا الخضر حيث خشوعة المكان وتأملات الصلوات.
انتقلنا إلى كربلاء، كربلاء الحزينة التي كانت تحيي أربعينية الإمام الحسين.. موائد الطعام والشراب على طول الطريق.. الدعوات لمشاركتهم المأكل والمشرب الذي يعتبرونه “عن روح الحسين”.. وقفات الراحة التي تدعو المشاة للتوقف عندهم..
لم يكونوا من طائفة واحدة ولا من مذهب واحد.. بل تشاركوا جميعاً في إحياء هذه الذكرة.. شيعة وسنة ومسيحيين.. وعند السؤال عن هذا التعاون يكون الجواب واضحاً “نحن عراقيون يداً واحدة في كل مناسباتنا”.
أما “شارع المتنبي” فكان تجربة ثقافية مميزة.. كتب على الطرقات.. تذكارات عمّا يميّز العراق.. ومقاهي قديمة تملأ جدرانها صور فنانين ومثقفين وأدباء من مختلف أرجاء الوطن العربي.
أما نهر “دجلة” فلا يمكن وصفه.. مياه تلمع تشد النظر والناظر.. وأضواء محيطة بجوانبه تدعوك للتمتّع بروعة المشاهد.
و”لبنان” الحاضر كيفما جلت في الأرجاء.. “فلافل لبنان”، “حلويات لبنان” “شاورما لبنان” “معرض بيروت” تزيد من بهجة القلب وتؤكد على وحدة المسار والمصير.
وحدة المسار والمصير
هي وحدة المسار والمصير بين بلدين.. لبنان والعراق.. زيارة استمرت لسبعة ليالٍ تمنيناها لم تنتهِ.. أيامٌ لم تكفِ لزيارة العراق كله، أيامٌ جلنا فيها في ارجاء قليلة من العراق تعرّفنا فيها على زملاء أصبحوا أصدقاء، صحافيون كتبوا وسيكتبون عن العراق ما لا تبثّه كبرى وسائل الإعلام.. العراق الأمن والأمان والسلام والمحبة والإلفة والترحاب.