إنتهت الإحتفالات والخطابات والمواقف والشعارات في الذكرى السنوية الأولى لإنفجار المرفأ، لكن المسار القانوني والدستوري لهذا الملف لم ينته بعد، فالآراء والإجتهادات القانونية والدستورية لا تزال تملأ الساحات والشاشات فيما المحقق العدلي القاضي طارق بيطار لم يقل كلمته بعد.
وفي السياق، لا بد من التذكير بأن هناك عريضة إتهام نيابية جهّزت ووقّعها عدد من النواب والكتل بهدف توجيه الإتهام وطلب رفع الحصانة عن ثلاثة نواب حاليين بصفتهم وزراء سابقين، وهم علي حسن خليل وغازي زعيتر ونهاد المشنوق لإحالتهم للمحاكمة أمام المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، وكذلك الإقتراحات التي تقدّم بها الرئيس سعد الحريري وكتلة «المستقبل» بشأن تعليق العمل بالمواد القانونية والدستورية المتعلقة بالحصانات، من رئيس الجمهورية إلى أصغر موظف.
وكانت كتلة «المستقبل» جالت على مختلف الكتل والقوى السياسية والنيابية لشرح مضمون هذه الإقتراحات وتأمين الأكثرية اللازمة لها كي تسلك مسارها، خصوصاً الدستورية منها، بعد بدء عقد تشرين في أول ثلثاء يلي الخامس عشر من تشرين الأول المقبل.
ولاقت مقترحات «المستقبل» تأييد ودعم رئيس مجلس النواب نبيه بري وكتلته وكانت محط تفهم ودراسة من قبل كتلتي «القوات» و»الإشتراكي» على أن تستكمل اللقاءات مع «حزب الله» ونواب آخرين لتتبلور الصورة التي جرى تصويرها وفق إنقسام إسلامي – مسيحي حسب مواقف الكتل.
ويرى عضو كتلة «المستقبل» النائب محمد الحجار أن «المسار الوحيد الذي يمكن أن يوصل إلى الحقيقة والعدالة في ملف إنفجار وكارثة المرفأ ويقطع الطريق على كل المزايدين هو تعليق العمل بكل المواد الدستورية والقانونية المتعلقة بالحصانات، من رئيس الجمهورية إلى أصغر موظف».
ويقول في حديث خاص لـ»نداء الوطن»: «إذا صدقت النوايا وإذا كان الجميع يريد الوصول إلى الحقيقة يمكن القيام بالإجراءات الدستورية خلال نصف ساعة بعد بدء عقد تشرين الأول المقبل لمجلس النواب، ويمكن تأمين الثلثين، ونحن نعتقد بأن هذا المسار يضع حدّاً لكل الإجتهادات ويرفع الغطاء عن كل من يمكن ان يكون مرتكباً مهما علا شأنه».
وأوضح أن جولة الكتلة مستمرة على من تبقى من الكتل وأن غالبية من التقاهم وفد «المستقبل» وشرح لهم أهمية إقتراحات التعديل أبدوا تفهماً، وهناك لقاءات أخرى ستجرى مع كتل وقيادات لتقييم الإقتراح بعد درسه، ولا سيما كتلتي «القوات» و»اللقاء الديموقراطي»، وهما من الأطراف المؤيدة والداعمة لرفع الحصانات عن النواب الوزراء السابقين.
إلا أن الملفت في كلام الحجار هو الإشارة إلى موقف «التيار الوطني الحر» الذي بقي مصرّاً حتى بعد اللقاء معه على فكرة الذهاب نحو رفع الحصانات عن النواب الوزراء وعدم السير بإقتراح التعليق لكي لا تصل الأمور إلى رئاسة الجمهورية.
ولفت الحجار رداً على سؤال حول المهل الزمنية ومسارات التحقيق إلى أن «مسار المحاكمة أمام المجلس العدلي هو الأطول نتيجة الإجراءات الخاصة به، بينما لو تم الأمر مثلاً أمام المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء فلديه مهلة شهر قابلة للتمديد لشهر إضافي فقط، وبكل الأحوال فإن الجدل والإجتهادات والآراء القانونية والدستورية ستبقى قائمة ما لم نحسم الأمر بتعليق العمل بالإمتيازات والحصانات الخاصة، إن كان بالنسبة للموظفين أو المحامين أو القضاة أو حتى الرؤساء والوزراء والنواب».
وقال: «لقد ذهبنا إلى هذا الخيار بعدما تبين لنا أن الأمور ستذهب إلى 3 أنواع من المحاكم بسبب توزع الجهات والإمتيازات، فهناك محكمة خاصة للقضاة المتهمين في هذا الملف وهناك الرؤساء والنواب والوزراء (المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء) والمجلس العدلي، وكذلك بعدما كنا وقعنا عريضة الإتهام النيابية وفقاً للقانون رقم 1390 والتي للأسف ذهب بعض وسائل الإعلام لإتهامنا بنعوت وصفات بشأنها، وهي عريضة إتهام طلبنا فيها قيام مجلس النواب بدوره في رفع الحصانة والبدء بالمحاكمة».
وذكر الحجار بأن «الكل يعلم أننا أولياء دم في قضية الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه الذين سقطوا على درب السيادة والإستقلال، ومن هذا الموقع فقد أصابنا ما أصاب أهالي شهداء وضحايا إنفجار المرفأ في 4 آب 2020، وبالتالي نحن ننشد معرفة الحقيقة في هذه الجريمة ومحاسبة المسؤولين عنها وتحقيق العدالة إنطلاقاً ممن أدخل النيترات وخزنه في المرفأ حتى إنفجاره، إن كان إهمالاً أو عملاً متعمداً، فنحن نريد معرفة الحقيقة كاملة».
في الخلاصة، لا تزال قضية رفع الحصانات غير واضحة المعالم وفق أي إتجاه ستسير، ولا يزال الأهالي يتحركون وبعض القوى السياسية يستخدمون هذه الجريمة في صراعاتهم السياسية الداخلية.
المصدر: نداء الوطن