لبنانيات

أعداد النازحين من الجنوب أكثر من 40 ألفاً وخطة الطوارئ الحكومية “حبرعلى ورق”

هي خطة طوارئ وضعتها الحكومة اللبنانية، لكنها حتى اللحظة تصطدم بالتمويل اللازم.

وبعد دخول عملية “طوفان الأقصى” شهرها الثاني، لا تزال المناطق الحدودية في الجنوب ملتهبة او على وقْع التفجير والاشتباكات، بعدما تزايد عدد الضحايا من المدنيين.

ووسط الاشتباك الحدودي العسكري المتواصل، تتزايد أعداد النازحين، لاسيما من الشريط الحدودي. وكان لافتا كلام وزير الشؤون الاجتماعية هكتور حجار بالأمس، إذ اعتبر ان رقم الـ30 ألف نازح هو رقم مضخم. فما صحة هذا القول؟ وما هو العدد الحقيقي للنازحين جنوباً حتى الساعة؟

أكبر… وغير مضخم!

أولا، لم يُعرف إلامَ استند وزير الشؤون الاجتماعية ليعتبر الرقم مضخما، لان الرقم الاحصائي، حتى الآن، من اكثر من شركة إحصاء يفوق الـ40 الفا.

يقول الباحث في “الدولية للمعلومات” محمد شمس الدين لـ”النهار” ان “الرقم الحقيقي حتى الآن هو 45 ألف نازح”.

ويلفت الى ان “العدد الأكبر من النازحين بقي في الجنوب، وتحديدا في صور والنبطية والقرى البعيدة عن الحدود”.

من هنا، تُفسَّر حال الطوارئ “الداخلية” التي تُفعّل يوما بعد يوم، في بلدات قضاء صور، وكأنها تأتي في “سياق تصاعدي” خوفا من تصعيد ما، اذ وضع اتحاد بلديات قضاء صور خطة طوارئ لمواجهة احتمال أي توسع للمعارك، مع التركيز على تأمين متطلبات الغذاء والايواء والدواء.

هذه الخطة تتضافر فيها جهود مدنية وبلدية، الى جانب الدفاع المدني والصليب الأحمر والقوى الامنية. ومعظم حالات الطوارئ تتركز أولا على تأمين الغذاء والدواء، مما يؤكد ان رقم النازحين، وخصوصا في قضاء صور، بات مرتفعا.

ومعلوم ان اطرافا عدة تشارك في تنفيذ حالات الطوارئ هذه، من جمعيات ناشطة الى مراكز صحية ومستشفيات، والهدف الأساسي هو دعم النازحين اللبنانيين، إنْ في مراكز الايواء او حتى في البيوت.

كل هذه النماذج “الاهلية او البلدية” تكشف ترهّل الخطة التي وُضعت على مستوى مجلس الوزراء، كون العائق الأبرز أمامها يبقى الشقّ التمويلي.

ولئن كان البعض يعتبر ان حالات الطوارئ الداخلية هي شكلٌ من أشكال خطة الحكومة، إلا انه لا شك في ان خطة الطوارئ التي وضعتها الحكومة وناقشتها اللجان النيابية المشتركة في مجلس النواب، الأسبوع الفائت، تصطدم بأكثر من “مطب” وحاجز. ولا يزال تضافر الجهود البلدية والحزبية، لاسيما في مناطق الجنوب، هي التي تسدّ الثغرات والفجوات الحكومية.

والاهم، هل يشكل اعتبار وزير الشؤون الاجتماعية رقم الـ30 الفا مضخما، نوعا من محاولة لتخفيف العبء الملقى على عاتق الحكومة وعدم شمول النازحين الى خارج الجنوب؟

أين الخطة؟

حتى الآن، لا تزال أعداد النازحين الى بيروت قليلة مقارنة بالعدد الأكبر الذي نزح الى الجنوب، والى بلدات قضاء صور تحديدا. من هنا، فإن دائرة خطة الطوارئ تتركز اكثر جنوبا، وليس على مستوى البلاد ككل.

في العنوان الأساسي لخطة طوارئ الحكومة، جاء ان الخطة تهدف إلى “حماية اللبنانيين واللبنانيات من تداعيات عدوان اسرائيلي واسع، وإلى تأمين مستلزماتهم وإغاثتهم في حال حصول تهجير قسري واسع من ديارهم الى أماكن أكثر أمانًا في لبنان”.

على الورق، استندت الخطة الى تجربة حرب تموز 2006، انما لبنان اليوم يختلف عن لبنان قبل 17 عاما، وسط الانهيار المالي والمعيشي غير المسبوق، وتراجع كل البنى التحتية ومقوّمات العيش.

واذا كانت كلفة حرب تموز قد وصلت الى مليار ونصف مليار دولار، فأيّ جهوزية للبنان اليوم لتحمّل أعباء مماثلة، لئلا نقول مضاعفة؟

خطة الطوارىء ستُنفذ اليوم تحت إدارة “اللجنة الوطنية لتنسيق مواجهة الكوارث والأزمات الوطنية لدى رئاسة مجلس الوزراء”، و”لجنة التنسيق مع المنظمات الدولية”، و”وحدة إدارة اخطار الكوارث”، وكُلف وزير البيئة ناصر ياسين متابعتها.

على الورق أيضا، تهدف الخطة الى “مقاربة حاجات ثلاث فئات من اللبنانيين، هم نازحون في مراكز ايواء، ونازحون في شقق ومنازل خاصة، والمجتمع اللبناني المضيف”.

من هنا، فان الرقم الذي أورده الوزير حجار لا يعبّر عن حقيقته في الجنوب. أما اذا كان قصده النازحين الى مناطق غير جنوبية، الذين قد لا تصل أعدادهم الى الـ30 الفا حتى الآن، فان خطة الطوارئ الحكومية تشملهم حتما، بحسب بنودها.

عمليا، السؤال الأساسي: كيف السبيل الى تطبيق خطة الطوارئ بمعزل عن الرقم؟

ورغم المحاولات المتكررة، لم تفلح “النهار” في الاتصال بالوزير ياسين لمحاولة تقويم خطة الطوارئ الحكومية بصفته رئيسا لها.

في المقابل، تشير أوساط حكومية لـ”النهار” الى ان “الخطة وُضعت كي تُنفذ، وهي خطوة جبارة ان تتداعى حكومة تصريف اعمال الى وضع خطة استباقية، في محاولة لتأمين جهوزيتها، على رغم كل العقبات الحالية”. وإذ تلفت الى ان “ما يجري على مستوى البلديات، لاسيما جنوبا، هو أيضا بدعم وتوجيه رسميين انطلاقا من خطة الحكومة”، تؤكد المصادر ان “الجهد لا يزال كبيرا لتأمين التمويل اللازم، وان رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي لا يبخل بأي نشاط على هذا الصعيد، وبالطبع، فان اكثر من منظمة دولية وجهات مانحة مستعدة للمساعدة”.

بين الشقّ الورقي والشقّ العملي، يبقى التمويل العامل الأساسي الذي يضع الحكومة والخطة كلها على المحك، لاسيما بعدما تردد ان الخطة تحتاج الى نحو 400 مليون دولار!

المصدر: النهار

Next Article:

0 %