خاص صدى الاقليم – خديجة الحجار
في زمن الغلاء والعهر السياسي والاقتصادي المتمرس الذي طال معظم شرائح المجتمع، وفي وقت لم يعد باستطاعة المواطن تأمين أدنى مقوّمات الحياة الكريمة، وبعد أن أصبح الغاز وكل مشتقّات النفط “لمن يستطيع إليها سبيلاً”، لجأت العديد من ربّات المنازل في اقليم الخروب، لا سيّما مَن تملك أرضاً حول منزلها، إلى إقامة “مواقد الحطب” ليطبخنَ عليها بهدف توفير بعض الأموال.
أيام عجاف صعبة، ودون الدخول في أسبابها التي أصبحت معلومة لدى الجميع، دفعت ب”أم محمد” للتفكير ببدائل عن الغاز المنزلي، فأنشأت “وقيدة” في “الجلّ” تحت منزلها، وبدأت بطبخ طعام العائلة على نارها، وتقول لموقع “صدى الاقليم“: ما أقوم به مشقّة وتعب، لكن هو حلّ بديل أستطيع من خلاله توفير الغاز بحيث أصبح سعر قارورة الغاز مرتفعاً جداً.
“لان لا بد من ايجاد بديل أو حلّ ما للاقتصاد في المصروف”، تقول “أم طارق“، في الاساس الطهي على الحطب له نكهة خاصة استعدنا من خلالها أيام الزمن الجميل، أيام كنا نجلس إلى جانب الوالدة وهي تطهو على الحطب، لكن اليوم تعوّد هذا الجيل على وسائل الراحة، إلى أن جاءت هذه الأزمة ودفعتنا إلى العودة إلى الجذور، فهي رغم مرارتها وصعوبتها، تذكّرننا بضرورة عدم الإسراف والتبذير.
“لايمكننا أن تستمر على هذا المنوال” تقول “أم فادي“، فالوضع لم يعد مقبولاً على كل الصعد، لذلك كان لا بد من إيجاد طريقة نستطيع مم خلالها توفير بعض الأموال، فالمعاش لم يعد كافياً أبداً، وبما أننا نملك حديقة إلى جانب المنزل، لجأنا إلى الطهي خارجاً علّنا نخفف من بعض الأعباء التي رماها المسؤولون علينا كمواطنين.
الأمثلة على “أم محمد” و “أم طارق” و “أم فادي” كثيرة، ولعلّ الدخول إلى صفحات مواقع التواصل الاجتماعي يبرهن ذلك، فصوَر مواقد الحطب في الحقول المجاورة للمنازل كثيرة، والتعليقات عليها موجعة أكثر، وأكثرها تُجمع على أن الطبقة السياسية فاسدة وهي مَن أوصلت الشعب إلى هذه المرحلة ودعوات بأن تُزال هذه الطبقة وهذه الغمّة عن لبنان لأن المواطن من حقّه العيش بكرامة في بلده.
فالحطب الذي يذوب سريعاً في جحيم غلاء الأسعار، يعمد الرجل إلى مساعدة زوجته أو والدته إلى الحصول عليه من الحقول المجاورة، أو من خلال تشحيل الأشجار في حديقتهم، وهو لا يكاد يكفي عدة طبخات، انما يكون حلاً بسيطاً للتوفير لكنه ليس مستداماً مع قدوم فصل الشتاء، حيث يصبح النزول إلى الحقول صعباً والحطب رطباً لا يشتعل.
لعلّ منطقة إقليم الخروب، وهي تعتبر منطقة ريفية إلى حدّ ما، والتي لا تزال تتميّز بوجود الحقول إلى جانب المنازل، تكون نعمة لأبنائها الذين في معظمهم “موظفو دولة” وبالكاد يكفي معاشهم يوماً واحداً في ظل هذه الأزمات المتكاثرة.
ويبقى الحال على ما هو عليه، ارتفاع تلو الارتفاع، فمن المواد الغذائية، إلى المحروقات والكهرباء والمياه والكثير الكثير من متطلبات الحياة، وصولاً إلى مفاجآت ستطال المواطن في القادم من الأيام والتي أصبحت تشكّل كابوساً حقيقياً للكثير من الأسر.