إقليم الخروب

فترة من العمل والتعب والصبر والانتظار  والأمل والرجاء.. موسم زيتون جيد هذا العام في اقليم الخروب

خديجة الحجار – خاص صدى الاقليم

فترة من العمل والتعب والصبر والانتظار  والأمل والرجاء.. العمل في موسم قطاف الزيتون، والتعب في جمعه، والصبر في التقاطه عن الأرض والشجر، والانتظار للإنتهاء من قطف آخر حبة، والأمل بموسم واعد، والرجاء بمحصول وافر من الزيت والزيتون.

هذا مختصر لحصيلة جهد متواصل لموسم قطاف الزيتون، سواء على مستوى المساحات الكبيرة أم المتوسطة أم الصغيرة..

اقليم الخروب.. جَمعة عيد وموسم جيد

موسم واعد.. بهذه الكلمات وصف أبناء اقليم الخروب موسم قطاف الزيتون.. أمّا وقد انتهى تقريباً الموسم واستطاع الأهالي من تحصيله بعد أن انتظروا الشتوة الأولى على اعتبار أن الشتوة الأولى تساهم في زيادة كمية الزيت ونضح حبة الزيتون.

تجتمع العائلات في اقليم الخروب كل عام تحت شجرة الزيتون كما العيد، يحضّرون المفارش والأمشاط و”المسّاس” ويشرعون في “تنقية” الزيتون عن الأرض والشجر.. ينقسمون إلى مجموعات، الرجال للفرط والنسوة للجمع.. وما بين المزاح والضحك والحنين لمن أورثهم الأرض، يمرّ الوقت وينسون التعب.

لا شك أن موسم الزيتون هذا العام كان أفضل بكثير من العام المنصرم، على اعتبار أن العام المنصرم لم يكن وافراً، استطاع أبناء الإقليم من تأمين “المونة” من الزيت والزيتون لهذا العام، وهو ما يؤكده الأهالي والمزارعون.

فرص عمل

دفعت الأزمة الاقتصادية الخانقة الشباب وارتفاع نسبة البطالة بينهم إلى جعل موسم الزيتون فرصة لتأمين فرصة عمل لهم ولو مؤقتة، إذ عمد بعض الشباب لتسخير وقته وإعلانه حاجته للعمل في قطاف الزيتون، وساهمت مواقع التواصل الاجتماعي بالإعلانات، حيث وضع العديد من الشباب اعلانات عن استعدادهم للمساعدة في قطاف الزيتون، بحيث تراوحت الأسعار ما بين 300 الف و450 ألف ليرة لبنانية لليوم الواحد، وهذا ما دفع أصحاب المحاصيل الكبيرة للإستعانة بهؤلاء للمساعدة.

مصدر رزق والأسعار بالدولار

يشكّل موسم قطاف الزيتون مصدر رزق للعديد من العائلات، ويعمد العديد من أصحاب المحاصيل إلى الإحتفاظ بحاجتهم لعام كامل وبيع ما يزيد لديهم. ولكن، مع الغلاء الفاحش وارتفاع سعر صرف الدولار أدى إلى ارتفاع قيمة “التنكة”، فتنكة الزيت تباع اليوم في اقليم الخروب ما ببن 100 إلى 120 دولاراً، أي ما يساوي الأربعة ملايين ليرة لبنانية، وهو رقم مرتفع جداً مع تدنّي المعاشات.

ويعزو تجار الزيت هذا الارتفاع إلى ارتفاع أسعار المحروقات والنّقل وأجرة اليد العاملة، كما ارتفاع تكلفة عصر الزيتون في معاصر الزيت نتيجة ارتفاع فواتير الاشتراك بالمولّدات الكهربائيّة، وأسعار الأسمدة وغالونات تعبئة زيت الزيتون؛ فكلّ ذلك أدّى إلى ارتفاع سعر الصفيحة.

في المعصرة

موقع “صدى الاقليم” واكب عملية عصر الزيتون في أحدى المعاصر، فشرح صاحب المعصرة “حسن الحجار” هذه العملية فقال: يوضع أولاً الزيتون الذي يأتي به المزارع في وعاء خاص حيث يتم فصل حبات الزيتون عن الأوساخ من أوراق وحبات تالفة، ليمررونه بعدها على شريط  خاص ليتم غسله بالماء، ويوضع بعد ذلك إلى الطاحونة.

ثم ينتقل الزيتون المطحون من الطاحونة إلى أحواض يتم فيها تحويل الشفرات ببطء إلى معجون متجانس، ثم يُستخرج الزيت عن طريق تحميل العجينة في مكبس هيدروليكي، حيث ينتشر معجون الزيتون بالتساوي على أكياس ضغط القنب أو الأقراص المغطاة بالألياف الصناعية (حسب نوع المكبس)، ثم يتم تغطية كل كيس أو قرص بحوالي 9-13 رطل (4-6 كجم) من المعجون، ثم يتم تكديس ما بين 25 و 50 كيسًا أو قرصًا على لوحة ضغط.

ثم يتم إدخال أدلة اللوحة على فترات من خمسة إلى ستة أكياس، تعمل الألواح على الحفاظ على توازن المكدس وتوزيع الضغط بالتساوي.

ثم يدفع المكبس لأعلى ضد المكدس، ويتسرب الزيت ببطء عبر أكياس الضغط إلى الأنابيب المرفقة، حيث تبقى المادة الصلبة داخل أكياس الضغط، لينقل بعدها الزيت إلى ماكينات فاصلة للزيت عن الماء، ليتم بعدها استخراج الزيت الخام.

وتجدون بالفيديو المرفق مراحل عصر الزيت في المعصرة:

خبز المرقوق مغمّس بالزيت الجديد

هناك بعض العادات والتقاليد التي لا تبطل في اقليم الخروب، ومن هذه العادات غمس “الخبز المرقوق” في الزيت الجديد وتقديمه للموجودين في المعصرة، كما يتم أخذه إلى المنازل وتقديمه للزوار ولبعض الأصدقاء، وهي عادة قديمة للتباهي والتفاخر بطعم الزيت الجديد.

في المحصّلة، فإن موسم الزيتون في اقليم الخروب كان وافراً هذا العام، علّ هذه الوفرة تعود بالخير على شعبٍ عانى ويعاني من أزمات متتالية إقتصادية كانت أم سياسية، وبالتالي يساهم في التخفيف من بعض من الأعباء التي يتكبّدها نتيجة سياسات فاشلة.

Next Article:

0 %