بقلمكم

لبنان تحت المجهر: أزمة ثلاثية الأبعاد!

باسكال عيد

حلّ الصمت سيّد المواقف كلّها وبات الرضوخ والقبول واضحاً في مجتمع أقلّ ما يقال فيه مريض ولا أمل له بالشفاء. غابت “روح الثورة” وانطفأت، كيف اشتعلت ومن أخمدها؟لا أحد يعلم!

بات الوضع الاقتصادي وضعاً عادياً يتعايش معه المواطنون ويقبلون به. فموظفو القطاع الخاص طارت “دولاراتهم” فوق الريح وتحسنت أحوالهم ولا مجال للاعتراض. عادت المطاعم لتمتلئ في الاعياد والمناسبات والمحال التجارية تكتظ بالزبائن وخفت حدّة التململ والاحتجاج.

ولكن موظفو القطاع العام فحدّث ولا حرج! تراجعت رواتبهم منذ بداية الأزمة الى ما دون النصف لتعود وترتفع بعد سلسلة من الاحتجاجات والمطالبات غير أنّها حافظت على مستواها المتدني. ناهيك عن وضع الموظف الميؤوس منه فلا حافز للعمل والنشاط ولا حجة للمثابرة في دوائر رسمية تفتقر للكهرباء ولموظفيها الذين امّا استقالوا لغير رجعة أو خرجوا خارج الملاك مفتشين عن لقمة عيش لائقة.

هذا كله اضافة الى أسعار الادوية واختفاء بعضها “المزمن” بين فترة وأخرى للمزيد من التشويق والتسلية، فاللبناني اعتاد على اللهو والحركة وبعض الامور التي تكسر له روتينه “الممّل”!

ولكن الأخطر والأقبح هي الازمة-المشكلة الاجتماعية المستجدة التي بدأت ذيولها بالخروج على شكل أنياب خبأها النزوح السوري في السنوات العشر الاخيرة. صحيح أنّ لبنان كان وما زال محطة استراحة و ملجأً آمناً للجوار العربي، بيد أنّ هذا الامن بدأ يتزعزع! وها هي جريمة تتبعها أخرى، و مرتكبوها من الجنسية السورية. فأيّ أمن منحناه وأيّ شرّ رددتموه؟

ولا يكفي كل هذا لتأتي الحرب الدائمة  على الجبهة الجنوبية والخروقات الجوية المستمرة وتعقبها الحرب الالكترونية لتضع الحرية في خانة الخطر! هل وصلنا الى هذا الحد من الانحطاط والرذالة؟ أيّ مجتمع هذا تنهك فيه حقوق الانسان والطفل ليصبح لعبة بيد الاشرار والمرضى النفسيين الذين لا دين لهم ولا ربّ يخشونه؟

ألا يكفي الشباب المهاجر والقسم الآخر الذي يفكر كل يوم بالرحيل؟ الا يكفي تراجع المستوى التربوي ؟

جئتمونا اليوم بضرب القاعدة الاساسية،أطفالٌ من المفروض أنهم شباب الغد ؟

للأسف انعدمت الاخلاق وسقطت القيم! وبتنا نعيش في مجتمع غير آمن، غير منصف وغير عادل!

أصبح لبنان اليوم وعلى لسان أغلب وسائل الاعلام العربية والاجنبية بلد التفلت الامني والاجتماعي والاقتصادي!

لبنان تحت مهجر المجتمع الدولي صاحب أصعب أزمة أسمّيها :ثلاثية الابعاد.

اقتصادية تضرب عمق الوطن وتهويه، اجتماعية تعمل على المسّ بكرامة الانسان وحقوقه مستغلّة الحرية من أجل الغرائز! وسياسية ضمن فراغ رئاسي وسياسة قذف المسؤولية وتراشق التهم في وقت هذا البلد بحاجة فيها الى النهوض وسريعاً!

تشتّتت الافكار وساءت الاحوال ولم تعد الامور تحت السيطرة!!

بانتظار المعجزة الالهية لعلّ وعسى تنقذ الوطن الجريح وتنتشله من القاع المخيف الى النور والامان.

فلنترقب متنبهين كلّ من موقعه ونرى كيف ستكون نهاية الكابوس!

Next Article:

0 %