بقلمكم

الطفولة “المكمّمة” – باسكال عيد

باسكال عيد – خاص صدى الإقليم

يتخبّط العالم اليوم بأزمات متنّوعةٌ كما كان منذ بدء الأزمنة. تنوّعت فأخذت أشكالا” مختلفة وألوانا” غريبة…

تنوّعت فأخذت شكل الوطن الذي تربّصت به وأرخت بسدائلها واستراحت…

نعم, نعيش في عالم جريح، تارة تأخذه أمواج الأزمات السياسية وتارة تطرحه الأزمات الإقتصادية. لكنّ الأسوأ هي الأزمة الصحيّة تلك التي عنونت نفسها بنفسها وحلّت ضيفا ثقيلا لا بل مميتا…

انها الكورونا!

ومن هنا أقلعت الرّحلة الشاقة، فانتشر الحديث عن كيفية انتقال العدوى والحماية منها، ناهيك عن التباعد الاجتماعي والأهمّ “وضع الكمّامة”.

وفي زوبعة التغيرات الطارئة والتداعيات المستجدة، هل سألنا أنفسنا يوماً عن تداعيات هذه الأزمة الصحية العالمية على أطفالنا وتأثيرها على صحتهم النفسية والجسدية.

وقعت الواقعة وقرعت “الكورونا” باب الوطن الذي يصارع من أجل البقاء… ولا بدّ من المواجهة. فرض إقفال عامّ ومعه لازم الأطفال منازلهم وأصبح معظم أوقاتهم يقضونها أمام الشاشات الالكترونية أو أمام الشاشة الصغيرة. انعدم التواصل مع العالم الخارجي وأضحى من الصعب التأقلم من جديد. وقد لوحظ ذلك عند الأطفال بين الستة أشهر والسنة؛ لأنّه وعند انتهاء فترة الحجر والإقفال وخروج هذه الفئة العمرية الى العالم الخارجي تبيّن واضحاً صعوبة التواصل مع الاخرين . وتجلّى ذلك من ناحية النطق لاحقاً والقدرة على تقبّل أطفال آخرين أثناء اللّعب على سبيل المثال.

وكلّ ذلك لأنّ الأطفال اعتادوا على تلقّي المعلومات من الشاشة الذكية دون الحاجة إلى طاقة إضافية للتواصل. فهم اكتفوا بالمعلومات وانتهى!

أمّا في ما يخصّ الفئة العمرية التي ترتاد إلى المدرسة فحدّث ولا حرج! ها هو صفّهم يتحوّل من حجارة وأثاث وضجة عارمة الى صورة مرئية والى هدوء تفرضه معلّمة الصّف بكبسة من حاسوبها. ولكن لم يكن باليد حيلة.

في خضمّ كل هذه التغيرات القسرية، تحطمت القلوب الصغيرة وعادت بعد فترة زمنية لتجمع أشلاءها وتخرج الى العالم الذي حرمت منه. غير أنّ الخروج مجدّداً لم يكن متوقّعاً. اختنق الأطفال مرغمين بكمّامة أخفت ابتسامتهم وتعابير وجوههم. فقد الأطفال متعة الحياة والعيش بحريّة دون قيود وأرغموا على الاختناق سواء في منازلهم أو عند خروجهم.

أمسينا نعيش في زمن أقلّ ما يقال فيه عن الطفولة أنّها “مكمّمة” مظلومة وبائسة.

إنّ هذه الأطفال تنام في كلّ ليلة وهي تحلم بأيّام واعدة، ولكنّ الأحلام في العالم الذي نعيش أصبحت صعبة المنال. إنّ هذه الأطفال تحلم عند كلّ اشراقة شمس بغد أفضل وبعناق صادق ووجوه لا تخفيها الكمّامة. إنّ هذه الأطفال تودّ فقط أن تعيش!

ساعدوا أطفال هذا العالم وهذا الوطن كلّ من موقعه وانشروا في قلوبهم الامل بالغد الافضل. ساعدوهم ليجتازوا المرحلة الدقيقة، ولننزع كلّ أنواع الحزن والوجع عن طفولتهم عسى أن يكون غدهم أفضل وأيّامهم القادمة أكثر أملا” واشراقا.

Next Article:

0 %