بقلمكم

بين الإستمرار والإستسلام: القطاع التعليمي إلى الهاوية سر!

باسكال عيد

عام دراسي مضى وجديد لا نعرف ان كان سيبصر النور! رزح العام الدراسي تحت وطأة الازمة الاقتصادية والمعيشية فكانت التداعيات مؤسفة الى حدّ البكاء. أساتذة القطاع الرسمي اتخذوا الاضراب طريقة للمطالبة بحققوقهم “الشرعية” بينما أساتذة القطاع الخاص في بعض المدارس وليس كلها، كانوا الاوفر حظا فحصلوا على بعض من الدولارات التي نشلتهم من بؤرة الازمة الحالية.

وبين هذا وذاك يبقي التلميذ الضحية الاولى والاخيرة، وها نحن اليوم ننتظر موعد الامتحانات الرسمية لشهادة البكالوريا فقط بعد قرار من مجلس الوزراء بالغاء الشهادة المتوسطة! ألغيت الشهادة “الصغيرة” بغض النظر اذا كانت ما زالت مهمة أو لأسباب مالية: فلا اعتمادات متوفرة ولا من يحزنون.

وها نحن اليوم في رواق الانتظار نترقب امتحانات رسمية شكلية. لماذ؟ لان البرنامج قد تمّ تقليصه الى ما يعادل شهرين من التعليم الفعلي بما يتناسب مع الايام الفعلية التي ارتاد فيها تلامذة المدارس الرسمية الى مدارسهم. أما عن مثابرة القطاع الخاص وعملهم من أجل اتمام البرنامج منذ بدء العام الدراسي فلا قيمة ولا اهتمام!

ألغيت الشهادة “الصغيرة “واعتبر المسؤولون أنه بالتهرب والاختباء تحلّ المسائل التربوية العالقة. وهل كان من المنصف أصلا أن يمتحن تلامذة لبنان قسم كبير منهم لم يرتاد مدرسته طوال العام الدراسي وقسم آخر “درس ليوم الدرس” كما نقول بالعامية!

فالعلم في بلد العلم والثقافة أصبح للذين توافرت لديهم الامكانيات المادية فقط! أمّا الذين فرضت عليهم الازمة الاقتصادية نيرها فلا نصيب لهمض أبدا.

ان القطاع التعليمي مهدّد بالانهيار! والسؤال الذي يراودنا: هل ستفتح المدارس الرسمية والخاصة أبوابها السنة المقبلة؟ هل سيتمكن الاهالي من دفع الاقساط المدولرة؟ وهل سيعود أساتذة القطاع الرسمي الى الاضراب؟

لنتخيل معا السيناريو الذي سنعيشه: الاهالي لن يتمكنوا من دفع الأقساط، اذا المدارس الخاصة لن تكون قادرة على فتح ابوابها، وسيختار أساتذة التعليم الرسمي الاضراب من جديد وسيقبع التلامذة والاساتذة في منازلهم! نحن أمام أزمة أدق وأصعب من الازمة الاقصادية والسياسية.

ان القطاع التعليمي في لبنان هو العامود الفقري الذي يحمي هيكل الوطن ويكفل استمراريته؟ فأي مصير وأي استمرار؟انها حلقة مفرغة حلّها مستحيل ومواجهتها صعبة! وها نحن نقف عاجزين عن التصرف، فالاستمرار فيه المخاطرة او حتى عدم المقدرة والاستسلام بات السبيل الوحيد! ولكن اذا تم الاستسلام فسنقف أمام أزمة تعليمية تربوية ليضرب بذلك القطاع الاقوى والاهم.

المطلوب اليوم سياسة تربوية جديدة ، محاولة للنهوض وسعيا للعودة الى الصفوف الاولى.

لنتأمل بالغد علّ عجلة الانطلاق تغيّر مسارها من الهاوية الى القمة ، وتقف بالمرصاد أمام كل التحديات المستجدة في الاونة الاخيرة.

Next Article:

0 %