عرب وعالم

دور الزعيم الوطني حيدر علييف في العلاقات الاذربيجانية اللبنانية

بقلم رامين أحمدوف مؤسس اتحاد الحكماء الأتراك ورئيس Mission Media Group

تولي أذربيجان أهمية كبيرة لتطوير علاقاتها مع الجمهورية اللبنانية، حيث تتزامن إقامة العلاقات بين البلدين مع إعادة أذربيجان استقلالها بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، فقد عزم الطرفان على تعزيز هذه العلاقات في شتى المجالات.  وليس من باب المصادفة أن يطلق على أذربيجان اسم “نجمة القوقاز الساطعة”، وعلى لبنان اسم “سويسرا الشرق الأوسط“. ويرتبط تطوير هذه العلاقات باسم الزعيم الوطني للشعب الأذربيجاني حيدر علييف، حيث زار حيدر علييف لبنان قبل نيل أذربيجان استقلالها في عام ١٩٧٢، وقد تركت هذه الزيارة في نفسه انطباعا ايجابيا.  ويمكننا القول بإنه بعد سنوات عديدة من هذه الزيارة وفي 11 فبراير 1998، أثناء زيارة حيدر علييف كرئيس أذربيجان المستقلة، استذكر زيارته إلى لبنان في عام 1972 وقال: “إنني أعجبت بجمال لبنان العريقة وثروته الاقتصادية، والمباني الخلابة للعاصمة بيروت، إضافة إلى تراثها المعماري. وكان الجميع يصفون لبنان وعاصمتها بجنة العالم الشرقي، وبالفعل فإنها شبيهة بالجنة. وكنت أتابع أحداث الدمار نتيجة القتال العنيف في العاصمة بيروت وأنحاء البلاد آنذاك بكل أسف وألم.  حمدا لله فإن تلك الأيام الصعبة قد مضت،  والوضع الاجتماعي والسياسي حاليا في لبنان مستقر، ويزدهر البلد يوما بعد يوم. كما أننا نعلم أن جزءا من لبنان تحت الاحتلال وهناك بعض القضايا التي تنتظر الحل. ونحن نأمل أن لبنان وشعبها سيتجاوزون جميع هذه المشاكل،  ونتمنى أن يوفقهم الله تعالى في حلها،  وفي إزالة آثار الدمار التي خلفتها الحرب الأهلية، وإعادة بناء مدينة بيروت وغيرها من الأماكن المدمرة ، حيث يوجب الوضع الاقتصادي الحالي في لبنان مشاركة جميع اللبنانيين في هذه الأعمال، وأن تقوم النخبة بدورها.

وتجدر الإشارة إلى أن الجمهورية اللبنانية اعترفت باستقلال جمهورية أذربيجان في 30 ديسمبر 1991، حيث تم إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين في 18 سبتمبر 1992، وتم التوقيع على بروتوكول بشأن إقامة هذه العلاقات.كما أن هناك العديد من الشباب اللبنانيين الذين تلقوا دراساتهم الجامعية في أذربيجان خلال فترة الاتحاد السوفياتي. وتم تعيين مستشار وزير خارجية الجمهورية اللبنانية/ن. كساب قنصلا فخريا لجمهورية أذربيجان في لبنان. وفي ١١ فبراير ١٩٩٨ قام رئيس الوزراء اللبناني/رفيق الحريري بزيارة رسمية إلى أذربيجان. وأثناء المأدبة الرسمية التي أقيمت على شرفه ألقى الرئيس الأذربيجاني الراحل/حيدر علييف كلمة، أشار فيها إلى التعاون الوثيق بين لبنان وأرمينيا، معربا عن ارتياحه للجهود التي يبذلها رئيس الوزراء اللبناني لحل النزاع الدائر بين اذربيجان وأرمينيا بطرق سلمية. وقال حيدر علييف إنني على يقين أن لبنان وعلى رأسها  رئيس الوزراء لديها الإمكانيات بالقيام بدور مهم في حل هذا النزاع على أساس المعايير الدولية وميثاق الأمم المتحدة.

وفي 19-20 نوفمبر 1997، قام وزير الخارجية الأذربيجاني/حسن حسنوف بزيارة رسمية إلى لبنان بتعليمات خاصة من رئيس جمهورية أذربيجان حيدر علييف. كما التقى علييف بنظيره اللبناني/إلياس هراوي ورئيس الوزراء /رفيق الحريري خلال القمة الثامنة للدول الأعضاء في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات المنعقدة في العاصمة الإيرانية طهران في الفترة من ٩-١١ ديسمبر ١٩٩٨.  وصرح علييف خلال اللقاء بأن جمهورية أذربيجان عازمة على إقامة العلاقات مع جميع دول العالم على أساس الصداقة والاحترام المتبادل وفقا للقانون الدولي، كما أعرب عن ارتياحه للتعاون القائم بين هذه الدول في داخل المنظمات الدولية، وخاصة في مسألة العدوان الأرميني على أذربيجان، وأشاد علييف بالموقف الداعم للجانب اللبناني في اتخاذ القرارات الدولية بهذا الصدد.  كما أكد علييف أن هناك فرصا كبيرة لتعزيز العلاقات بين أذربيجان ولبنان، وأضاف بأنه يتابع بدقة الوضع المتوتر في منطقة الشرق الأوسط، مؤكدا أن العمليات الجارية في تلك المنطقة لها تأثير كبير على الأحداث الجارية في جنوب القوقاز، ومعربا عن قلقه العميق إزاء تصعيد التوترات في تلك المنطقة. وشدد على ضرورة استئناف المحادثات الاسرائيلية السورية اللبنانية التي توقفت في عام ١٩٩٦ وهي اساس مبادرة السلام في الشرق الأوسط، الذي انطلقت في مدريد عام ١٩٩٦.  وأعرب عن أمله في تنفيذ  قرار مجلس الأمن الدولي بالأمم المتحدة رقم 425 بشأن لبنان في 19 آذار 1978.

كما تطرق قادة البلدين خلال لقائهما إلى المواضيع ذات الاهتمام المشترك وبحثا آفاق التعاون المستقبلي. ومن جانبه التزم الرئيس الحالي إلهام علييف بمسار سياسة حيدر علييف في تنمية العلاقات مع لبنان. وقد وقع فخامة الرئيس في ٣٠ ديسمبر ٢٠٠٩ على مرسوم حول تأمين أنشطة سفارة بلاده في جمهورية لبنان. كما أن البلدين من الدول الأعضاء في حركة عدم الانحياز، حيث مثل وزير الخارجية والمغتربين اللبناني/جبران باسل الوفد اللبناني خلال القمة الثامنة عشر لحركة عدم الانحياز المنعقدة في العاصمة باكو بتاريخ ٢٤-٢٦ أكتوبر ٢٠٠٩.

كما وقع رئيس الوزراء الأذربيجاني/علي أسدوف في ٤ أغسطس ٢٠٢٠ على مرسوم بشأن  تقديم المساعدات المالية للجمهورية اللبنانية بسبب الدمار الواسع النطاق والخسائر العديدة الناجمة عن انفجار مرفأ بيروت، وبهذه المبادرة أظهرت أذربيجان تضامنها مع العالم الاسلامي. وينص المرسوم المذكور أعلاه على أنه نظرا للأزمة التي تمر بها لبنان وحاجتها الملحة للمساعدات الإنسانية لتجاوز تداعيات المأساة وآثار الانفجار، فقد تم تخصيص مبلغ مليون دولار أمريكي لوزارة الخارجية من الصندوق الاحتياطي من ميزانية الدولة لعام 2020. وبهذا الصدد، قال النائب في البرلمان اللبناني/عماد الحوت إن مساعدة الحكومة الأذربيجانية للشعب اللبناني تعد خطوة مهمة للغاية وجاءت في التوقيت المناسب، معربا عن امتنان بلاده للرئيس إلهام علييف والحكومة الأذربيجانية والشعب الأذربيجاني الشقيق، وأكد الحوت أن هذه المبادرة الانسانية من قبل جمهورية أذربيجان تعتبر تقدما مهما في تعزيز العلاقات بين البلدين.

يمكننا القول بأن العلاقات الثنائية بين البلدين تتطور يوما بعد يوم نتيجة للنهج السياسي الزعيم الوطني حيدر علييف والرئيس الحالي إلهام علييف، وهو نهج من شأنه أن يدوم وأن يحقق كثيرا من النجاحات .

 

Next Article:

0 %